عبد اللطيف الحموشي.. عين المملكة التي "لا تنام"
أمين حاجي
عبد اللطيف الحموشي مسؤول أمني بارز و"شخصية استثنائية"، يجمع بين منصبين أمنيين مهمين في المملكة، حيث يترأس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية)، وكذلك المديرية العامة للأمن الوطني (جهاز الشرطة)؛ عرف باطلاعه على طريقة عمل خلايا التنظيمات الجهادية، وبإلمامه بالعمل الحركي الإسلامي في المغرب، كتبت عنه الأقلام وشغل اهتمام الرأي العام الوطني وحتى الدولي، "يعمل" أكثر مما "يتكلم"، يسهر على ضمان أمن الدولة وآمان المواطنين بشكل متواصل، يجتهد في "صمت" وفي "خفاء"، شخصيته ومجهوداته تستحق الثناء والإشادة.
منصبان حساسان في مهمة واحدة
في خطوة مفاجئة أثارت انتباه الرأي العام الوطني، عين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عبد اللطيف الحموشي مديرا عاما للأمن الوطني سنة 2015، صار الرجل يجمع بين مسؤوليتين ثقيلتين: مديرية الشرطة وإدارة الإستخبارات.
كفاءة الحموشي هي التي خولت له الجمع بين منصبين حساسين جدا"، يقول أحد الخبراء الأمنيين أن هذا الرجل قادر على الجمع بين المنصبين لكونه يضطلع بمهام استراتيجية وليس بالتدبير اليومي".
وأضحى الحموشي اليوم "عين" المملكة التي لا تنام، والرجل الذي رأته الدولة مناسبا لتنزيل استراتيجية أمنية جديدة عنوانها الشمولية، وتجميع مهام أمنية ثقيلة في يد واحدة دليل على كفاءته.
"كاريزما" الحموشي
صوره قليلة جدا، وأغلبها تظهر نصف وجه الرجل، والنصف الآخر يخفي ظل قبعته الأمنية، صوته أيضا لم يخرج مرة من مذياع أو تلفاز، المغاربة إذن لا يعرفون صوته، وصوره النادرة ترجع إلى أعوام مضت، غموض الحموشي، هو مؤشر على "الصرامة" منضبط جدا، وباللغة العامية (معقول وعندو شخصية قوية)، تجعله في مستوى الثقة التي وضعت بين يديه.
في سن لم يتجاوز الـ40 سنة، دخل عبد اللطيف الحموشي تاريخ الأجهزة الأمنية المغربية من بابها الواسع، باعتباره أصغر مدير عام لجهاز المخابرات الداخلية المعروف بمديرية مراقبة التراب الوطني، والمشهورة اختصارا باسم "DST". كان ذلك قبل 10 سنوات، وبعد واقعة ملفتة في تاريخ المغرب: الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء سنتي 2003 و2007.
لكن قبل هذه اللحظة، كان عبد اللطيف الحموشي، يتلقى تكوينه بداية من فاس، حيث درس الحقوق، ثم لاحقا في القنيطرة حيث تعلم الأبجديات الأمنية، ليصير ضابطا ثم عميدا للأمن سنة 1993، ثم جاء التحول إلى العمل المخابراتي، عندما صار موظفا في المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي كان يشرف عليها أحمد الحراري.
حساسية المنصب الجديد بدت ملائمة لرجل مثل الحموشي، الذي يفضل الصمت على الكلام والاختفاء على الظهور؛ بروزه يكون في مناسبات قليلة تقتصر على حضور أنشطة رسمية، مثل توديع جلالة الملك محمد السادس نصره الله قبل سفرياته أو تسلم وشاح ملكي.
شخصيته
يرى المقربون منه، أنه "منغلق" عل نفسه، ويكاد لا يجتمع بأي شخص من خارج الجهاز أو المسؤولين السياسيين في البلاد. رجل كتوم، وصفه أصدقائه بالمواظب على الصلاة و بالمنضبط و ذي مصداقية، ذكي وجدي، ومهمته تحليل المعطيات وأجاد فيها بامتياز كبير ملفت لنظر أقرانه. وله بديهية خاصة في تفكيك الشفرات والخلايا، وله دراية عالية في دراسة القضايا والملفات، وتبقى المعلومات المتوفرة عنه أنه مختص في ملف السلفية الجهادية، وأنه ظل الأجدر في مكافحة الإرهاب.
ويصفه المقربون منه، بـ"المسؤول الناجح" في فك شفرات القضايا الأمنية المطروحة على طاولته، وفي مقدمتها تفكيك خيوط تفجيرات "أركانة" في وقت سريع وبمهنية كبيرة وبلا أضرار جانبية تمس حقوق الإنسان وحق المتهمين في محاكمة عادلة.
تجربة مهنية متميزة
دخل الحموشي سنة 1993، إلى صفوف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهو جهاز المخابرات الداخلية المعروف مغربيا بالـDST، حيث تعامل مع ملفات الخلايا المسلحة خاصة بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فندق أطلس آسني بمدينة مراكش عام 1994.
بعد تنحية إدريس البصري وزير الداخلية السابق سنة 1999، وتعيين الجنرال "حميدو لعنيكري" على رأس جهاز الـDST، بدأ نجم الحموشي في الصعود كواحد من أكبر المتخصصين في طريقة عمل ما يسمى بالخلايا الجهادية وفي طرق مكافحتها، فضلا عن إلمامه الكبير بتاريخ الحركات السياسية المغربية على مختلف مشاربها.
احتفظ الحموشي بمسؤولياته حتى بعد تنحية الجنرال لعنيكري عقب الهجمات المسلحة التي ضربت الدار البيضاء عام 2003.
وفي عام 2007، أصبح عبد اللطيف الحموشي أصغر مدير عام لجهاز المخابرات الداخلية المغربية، حيث تقلد هذا المنصب الحساس وعمره لم يتجاوز 39 سنة.
عرف عن الرجل أنه يفضل العمل بصمت بعيدا عن الأضواء، لكنه برز في واجهة الأحداث على خلفية أزمة دبلوماسية تسبب بها قاض فرنسي أصدر مذكرة لإحضاره من أجل التحقيق معه في اتهامات بالتعذيب في حق مواطنين فرنسيين من أصل مغربي، وكان ذلك في فبراير 2014.
ردت الحكومة المغربية على ما اعتبرته تصرفا "غير مقبول" بتاتا، بإيقاف اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، لتدخل العلاقات بين باريس والرباط في مرحلة جفاء استمرت زهاء سنة تقريبا، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها أشهرا قليلة قبل صعود جديد لنجم عبد اللطيف الحموشي الذي عينه جلالة الملك محمد السادس في 15 ماي 2015 مديرا عاما للأمن الوطني.
توشيح ملكي وآخر دولي
وشح جلالة الملك محمد السادس "عبد اللطيف الحموشي"، بوسام العرش من درجة ضابط. وذلك مكافأة له لدوره الفعال في التحقيقات الخاصة بالاعتداء الإرهابي الذي استهدف مقهى أركانة بمراكش، والتي تمت بمهنية كبيرة وبلا أضرار جانبية تمس حقوق الإنسان وحق المتهمين في محاكمة عادلة، كان هذا عنوانا بارزا عن أن مكافحة الإرهاب يمكن أن تكون عملية نظيفة، وأن القانون قادر على معاقبة من يخرقونه دون أن يخرق المسؤولون حرمة القانون نفسه.
يعد الحموشي من رجال الظل، غير أنه ظهر بقوة بعد أن وشحه جلالة الملك بصفته المهنية كمدير لمديرية مراقبة التراب الوطني، وأثنى على العمل الذي تقوم به المديرية في إحباط الاعتداءات والمخططات الإرهابية التي تستهدف المملكة. فعبد اللطيف الحموشي رجل يتميز برضى جلالة الملك وبالاعتراف الدولي.
التوشيح الذي حضي به الحموشي من طرف السلطات الإسبانية، التي وشحته بوسام "الصليب الشرفي للاستحقاق الأمني بتميز أحمر" هو إحدى أعلى التوشيحات الشرفية التي يتم منحها لشخصيات أجنبية، بحيث لاق استحسانا لدى الرأي العام الإسباني ، كما كانت له تفاعلات إيجابية في الأوساط السياسية و الإعلامية الإسبانية بحيث كان هناك "إجماعا" في إسبانيا على قرار حكومتهم المتمثلة في تكريم المدير العام لمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف الحموشي، كما أن الأغلبية الساحقة لساكنة لامبادا بشبه الجزيرة الإيبيرية قدروا الحس البراغماتي لمجلس وزراء راخوي التي أظهرت براعة في التعامل مع الحدث".
التوشيح كان بمثابة اعتراف واضح من الجانب الإسباني "بأكبر تعاون في محاربة الارهاب بين الشرطة الاسبانية والشرطة المغربية في السنوات الاخيرة"و هو التنسيق الذي أثمر "عملا نموذجيا خصوصا في الاشهر الاخيرة عن طريق عمليات تعاون عادت على البلدين بكبير النفع" كما أن “مواجهة الخطر الوشيك لعودة المقاتلين المنتمين لداعش للأراضي الإسبانية، جعل الاسبان يدركون كم هم بحاجة الى تعزيز التعاون مع دول الجوار والتنسيق الامني مع المصالح المغربية.
بيوغرافيا
ولد عبد اللطيف الحموشي عام 1966 في مدينة تازة شمال شرق المغرب، درس في كلية الحقوق والعلوم الاجتماعية بجامعة محمد بن عبد الله في فاس، كل شيء كان يشد الإنتباه إلى جامعة فاس، حيث حرارة النقاش الفكري والسياسي والإيديولوجي، بين فصائل اليساريين عموما والقاعديين خصوصا، وإخوة عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان، تحت مراقبة مريبة لأكثر من جهاز أمني، وخاصة الداخلية والمخابرات التي كانت خيوطها بيد رجل الشاوية إدريس البصري، وزير داخلية الحسن الثاني، ولذلك وجد عبد اللطيف الحموشي الكثير من الشروط جاهزة.
تابع عبد اللطيف، الشاب الهادئ، الجدال الساخن الذي كانت تحبل به حلقات النقاش الطلابية، كما عاين عن قرب قوة وضعف كل فصيل طلابي، سواء اليسار الذي انتعش في فترات الثمانينيات، أو الإخوان الذين وضعوا القدم الأولى في جامعات المغرب مع مطلع التسعينيات من القرن الماضي دائما، من دراسة الحقوق بفاس، إلى دراسة الأمن بالقنيطرة، قبل أن يتخرج ضابطا، ثم عميدا للأمن سنة 1993، المكتب والفضاء الذي وضع به خبرته في متابعة الحركات الإسلامية في المغرب، وهو هنا يختلف في مساره الدراسي ومشواره التعليمي عن عزيز الجعايدي، الذي اختار الجيولوجيا والبيولوجيا، علما أن الجعايدي برع في الرياضات الحربية مثل الكراطي، فيما اختار الحموشي دراسة "حروب المعلومة الاستباقية".
إقــــرأ المزيد
آخر الأخبار
- 08:50 أمن تطوان يُوقف جهادياً فار من إسبانيا مُدان بالإرهاب
- 08:40 “الرايب” يرسل 7 أشخاص إلى المستعجلات بسطات
- 08:24 حصري..قاضيان أمام الوكيل العام بالرباط من أجل الارتشاء
- 08:19 بنيعيشي: المغرب عبأ جهازا لوجستيكيا هاما تضامنا مع إسبانيا
- 08:16 المنتخب الوطني ضيفا ثقيلا على الغابون بتصفيا كأس أمم افريقيا
- 08:12 اختناق 40 مستخدمة داخل مصنع للنسيج بفاس
- 08:07 هذا متوسط الأجر الصافي بالوظيفة العمومية