X

تابعونا على فيسبوك

تحقيق صادم .. 30 عائلة بدون "هوية" تعيش داخل مستودع بسيدي يحيى+ ألبوم صور

السبت 23 دجنبر 2017 - 13:00

تحقيق :

 الجيلالي الطويل و وليد بوخيري

بنظرات هائمة تبحث بين ثنايا الأزبال المحيطة بهم والرطوبة التي أتلفت الجدران القصديرية لدورالصفيح البائسة التي يسكنوها، عن حملة انتخابية مبكرة لعل برنامجها الإنتخابي يجود عليهم و لو كذباً ببطاقة هوية تثبت أنهم مواطنون من الدرجة الأولى كباقي المغاربة، وصنبور ماء يروي عطشهم، و مصباح نور يضيئ ظلامهم و يذهب كآبتهم.

في زيارة قام بها موقع "ولو.بريس"  لأكثر من ثلاثين عائلة بمدينة سيدي يحيى الغرب التي توجد ترابيا ضمن إقليم سيدي سليمان، اقتربنا من واقع مزر تعيشه تلك العائلات التي لا يتوفر أفرادها على بطاقات هوية تثبت أنهم يسكنون على أرض تسمى مستودع الخشب المعروف بين سكان المدينة الصغيرة "الديبو"، حيث يشتغلون من أجل كسب قوتهم اليومي.

وأثناء استجوابنا لأحد القاطنين الذي فضل عدم ذكر إسمه، أكد لنا أنه يقطن في هذا المستودع منذ أكثر من اثنين وثلاثين سنة، مشيراً إلى أنه جاء إلى المستودع بغية العمل مع تاجر الخشب الذي يكتري بدوره الأرض التي يوجد عليها المستودع هو و أمثاله من التجار من المجلس البلدي للمدينة المذكورة بثمن لا يتعدى ثلاثة دراهم للمتر. 

وأضاف نفس المستجوب أنهم تزوجوا وأنجبوا في هذا المستودع، حيث أصبحت لهم فروع (أبناء و أحفاد)، في غياب تام لشروط العيش الكريم، حيث قال: " نحن لا نتوفر داخل بيوتنا على الماء الصالح للشرب، ولا على الإنارة، إضافة إلى وجود الجردان التي تحمل لنا الأمراض، دون الحديث عن الرطوبة التي تسبب لنا مشاكل صحية على مستوى الجهاز التنفسي".

وأوضح ذات الشخص أن وجودهم بجوار السكة الحديدية  يعرض أبناءهم لحوادث مميتة، "ققبل سنوات  دهس قطار المكتب الوطني للسكك الحديدية فتاة تسكن بالمستودع عندما كانت في طريقها إلى المدرسة التي تبعدنا بأميال، دون أن يحرك ذلك في المسؤولين ذرة من الخجل تجاهنا وتجاه مطالبنا الإجتماعية التي نعتبرها عادلة و مشروعة، التي نلخصها في سكن لائق يسترنا".

و في ذات السياق، حدثنا آخر عن الإكراهات اليومية والمعيشية التي يعاني منها سكان المستودع و التي تتجلى في انعدام مرافق القرب، " فإذا أردنا قنينة غاز أو كيس دقيق يجب علينا أن نقطع أميالاً من أجل الوصول إلى مركز مدينة سيدي يحيى قصد جلب حاجياتنا اليومية، كما لا نتوفر على روض لتعليم أطفالنا الذين ينقطعون عن المدرسة في سن مبكرة ومنهم من لم يلجها أصلاً".

و أضاف بنبرات صوت بئيس، يعبر عن حال كل السكان "نحن لا نريد إلا سكن لائق يكفينا شر الأمراض، ويحفظ كرامتنا كباقي الناس"، مشيراً إلى أن لجنة تابعة للبلدية حلت بالمستودع منذ أسابيع من أجل إحصائهم، لكنها توقفت بسبب فوضى قامت بها أحد النسوة القاطنات بنفس المكان، مما جعلها (اللجنة)، تغادر المكان دون معرفة مصير هؤلاء العائلات الذين كانوا يتوسمون فيها أمل إنقاذهم مما يعيشونه.

ومن جانبه، أسر لنا مصدر من داخل بلدية سيدي يحيى رفض الكشف عن إسمه وصفته، أن هؤلاء الناس هم ضحايا لمزايدات سياسية داخل المجلس البلدي، وأن المنتخبين يستغلونهم إبان الحملات الإنتخابية من أجل أصواتهم فقط، مؤكداً أن عملية الإحصاء بدأت فعلاً من أجل إيجاد حل لأزيد من ثلاثين عائلة تقطن بالمستودع، لكن الفوضى التي خلقتها بعض النسوة اللواتي قمن بإهانة قائد المنطقة ولجنة الإحصاء أثناء قيامهم بمهاهم حالت دون ذلك، يقول مصدر "ولو.بريس".

للإشارة فإن هذه الأسطر ليست قصة أو حكاية من أجل أن تسلي القارئ، وإنما هي صورة مصغرة تجسد معاناة أناس يعيشون بيننا، لكنهم محرومون من أبسط شروط العيش الكريم، الذي يضمن الكرامة الإنسانية التي نص عليها دستور 2011، في أغلب أبوابه وفصوله، والتي حولها الناخب المحترم إلى تجارة رابحة لحملته من أجل بيع الوهم و السراب لهؤلاء البسطاء.


إقــــرأ المزيد