دينامية حاضرة البيضاء وتحديات التّحول إلى مدن ذكية ومستدامة
شهدت مدينة الدار البيضاء كبرى حواضر المملكة خلال العقد الأخير، إنجاز العديد من المشاريع النوعية التي غيّرت من وجه العاصمة الإقتصادية، بما فيها شبكة النقل الخاصة بها هذا المشروع الضخم الذي يهدف إلى الإستجابة للتحديات التي يفرضها التحضر السريع للمدينة، والذي شهد نمو سكانها ونشاطها الإقتصادي بسرعة مذهلة، على رأس هذا المشروع العملاق شركة "كازا ترانسبور"، وهي شركة تنمية محلية تم إنشاؤها في عام 2009، والتي لعبت دورا حاسما في تطوير وتحديث عرض النقل الحضري في الدار البيضاء.
البيضاء.. مدينة في حالة تحوّل كامل
بفضل ناطحات السحاب التي ترتفع باستمرار، وأحياءها الحديثة، ومشاريع البنية التحتية المتعددة، تُجسّد الدار البيضاء وجه المدينة التي تعيد اختراع نفسها. ومع ذلك، فقد صاحب هذا التطور المتسارع تحديات كبيرة، بما في ذلك ازدحام الطرق وقضايا إمكانية الوصول. وقد أصبحت مسألة التنقل الحضري رافعة استراتيجية لتحسين نوعية حياة السكان. إن شبكة النقل الفعالة والمتكاملة ليست حيوية فقط لتبسيط حركة المرور، ولكن أيضا لتشجيع الإندماج الإجتماعي والسماح لسكان الدار البيضاء بالاستفادة الكاملة من الفرص الإقتصادية لمدينتهم.
"كازا ترانسبور" أحد ركائز التنقل الحضري
تأسست شركة "كازا ترانسبور" منذ قرابة 16 سنة، وقد رسخت مكانتها كمدير مشاريع النقل الحضري بالمدينة، برأسمال قدره 5.301 مليار درهم، منها 55.74 في المائة مملوكة لجماعة الدار البيضاء. وتتمثل مهمة الشركة في تخطيط وتطوير وإدارة حلول التنقل الحضري المبتكرة والمستدامة، وقد تمكنت من إقامة شراكة قوية مع لاعبين محليين ودوليين لضمان نجاح مشاريعها. ومن أبرز إنجازاتها تطوير خطوط الترام والحافلات، فضلاً عن البنية التحتية المهمة للطرق.
مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية
بالإضافة إلى شبكة الترام، تشارك شركة "كازا ترانسبور" أيضاً في مشاريع الطرق الإستراتيجية، وقد لعبت الشركة دوراً رئيسياً في بناء وتطوير الجسور والأنفاق وتقاطعات الطرق. تعتبر هذه البنى التحتية ضرورية لتخفيف الإزدحام المروري وضمان رحلات أسرع وأكثر أماناً. وتشمل المشاريع البارزة نفق سيدي عبد الرحمن، وطريق الرباط، ومؤخرا، نفق غاندي، الذي تم افتتاحها في عام 2020. وقد مكنت هذه المبادرات من تبسيط حركة المرور في المناطق التي كانت معروفة سابقا باختناقاتها المرورية التي لا نهاية لها.
وتدير الشركة كذلك مركز القيادة المركزية بالدار البيضاء، وهو بنية تحتية أساسية تتيح تنسيق جميع تدفقات حركة المرور والإشراف عليها في الوقت الفعلي. وبفضل مركز القيادة هذا، يمكن للسلطات التدخل بسرعة لحل الحوادث وتنظيم حركة المرور، وبالتالي المساهمة في تجربة تنقل أفضل لسكان الدار البيضاء.
شبكة الترام.. رمز الحداثة
لا شك أن أحد أبرز إنجازات شركة "كازا ترانسبور"، هو شبكة الترامواي التي غيّرت وجه التنقل الحضري في الدار البيضاء. فمنذ افتتاح أول خط في 12 دجنبر 2012، أصبح الترامواي وسيلة نقل مرجعية تجمع بين الكفاءة والسرعة واحترام البيئة.
ومع تشغيل الخط الثاني في عام 2019، توسعت الشبكة، مما جعل السفر أسهل في العديد من الأحياء. وقد ساعدت هذه الخطوط الحديثة والمتكاملة بشكل جيد في النسيج الحضري، على تخفيف الإزدحام على الطرق وجعل الرحلات أكثر متعة لآلاف المواطنين.
وفي عام 2024، سيعمل خطان جديدان للترام الثالث والرابع، على إثراء العرض الحالي، ليصل إجمالي الشبكة إلى 98 كيلومترًا. تخدم هذه الخطوط الجديدة الأحياء الإستراتيجية وتضم 39 محطة، مما يوفر للمستخدمين خدمة مثالية واتصالات فعالة مع وسائل النقل الأخرى. ويتم تعزيز الشبكة أيضاً بقطارات "ألستوم إكس 05" الحديثة، القادرة على حمل ما يصل إلى 600 راكب، مما يضمن تكرار المرور من 5 إلى 10 دقائق.
مشروع الباصواي.. بديل تكميلي
بالتوازي مع تطوير خط الترام، أطلقت شركة "كازا ترنسبور" مشروع خط الحافلات، وهو نظام نقل عام منفصل الحارات يكمل شبكة الترام. يوفر خطا الحافلات BW1 و BW2، اللذان سيدخلان الخدمة في عام 2024، بديلاً سريعاً وفعالاً للمناطق التي لا يخدمها الترامواي. تحتوي خطوط الحافلات هذه على ممرات مخصصة للحافلات، مما يسمح لها بالسير دون أن تتأثر بحركة المرور على الطرق، مما يقلل من أوقات الرحلات للمستخدمين.
تأثير اجتماعي واقتصادي ملحوظ
بالإضافة إلى تحسين التنقل، فإن لمشاريع شركة "كازا ترانسبور" تأثيراً اجتماعياً واقتصادياً كبيراً. فهي تعزز الوصول إلى الوظائف والخدمات الصحية والمؤسسات التعليمية، وبالتالي تعزيز الإندماج الإجتماعي ورفاهية السكان المحليين. بالإضافة إلى ذلك، أدى إنشاء هذه البنى التحتية إلى توفير عدد كبير من فرص العمل، مما أدى إلى تحفيز الاقتصاد المحلي.
كما تساعد شبكة النقل العام أيضاً في تقليل البصمة الكربونية للمدينة، وهو هدف حاسم في مكافحة تغير المناخ. ويُعد "الترام"، الذي يعمل بمصادر طاقة أنظف، وخطوط الحافلات المصممة لتكون موفرة للطاقة، أمثلة ملموسة على هذا التحول نحو نموذج تنقل أكثر استدامة.
النظرة المستقبلية
لا تتوقف الدار البيضاء عند هذا الحد. إذ تواصل شركة "كازا ترانسبور" الدار البيضاء العمل على مشاريع تهدف إلى تكثيف شبكة النقل وتحديثها. ويجري العمل على دراسات لإنشاء خطوط جديدة للترامواي وتوسعة خطوط الحافلات، بهدف جعل الدار البيضاء مدينة نموذجية من حيث التنقل الحضري المستدام في أفريقيا.
إن رؤية شركة "كازا ترنسبور" هي جزء من استراتيجية عالمية تأخذ بعين الإعتبار الإحتياجات المستقبلية للسكان. ومع استمرار التوسع الحضري بلا هوادة، ينصب التركيز على الإبتكار والإستدامة. تستكشف الشركة حلول التنقل الذكية، مثل دمج التقنيات الرقمية لتعزيز تجربة المستخدم وتحسين إدارة الشبكة.
خلال أكثر من عشر سنوات بقليل، ساهمت شركة "كازا ترانسبور" مساهمة كبيرة في تحويل التنقل الحضري في الدار البيضاء. ولم تسهم مشاريعها الطموحة والمنفذة بشكل جيد في تحسين جودة حياة السكان فحسب، بل أرست أيضاً الأسس لمستقبل أكثر استدامة وازدهاراً للمدينة. ومع استمرار نمو الدار البيضاء، تظل شركة "كازا ترانسبور" ملتزمة بمواجهة تحديات التنقل بحلول مبتكرة وصديقة للبيئة.
إقــــرأ المزيد
آخر الأخبار
- 18:23 عدادات ذكية لتعقب استهلاك المياه في الضيعات
- 18:03 وفد فرنسي يزور الصحراء المغربية
- 17:42 بايتاس: تمديد دعم متضرري الزلزال يكلف 750 مليون درهم
- 17:20 أخنوش يؤكد تعبئة الحكومة لمواصلة الدفاع عن القضية الوطنية
- 16:57 تعرف على لائحة المنتخب الوطني المشاركة في بطولة شمال إفريقيا
- 16:38 حزب الكتاب يثمن مضامين الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء
- 16:13 صادرات فاكهة الكلمنتينا المغربية ترتفع رغم الجفاف