Advertising

هذه ٱليات مجلس السلطة القضائية لضمان نجاعة العدالة

الأمس 15:40
هذه ٱليات مجلس السلطة القضائية لضمان نجاعة العدالة
بقلم: Touil Jalal
Zoom

يكتسي دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية أهمية استراتيجية بالغة في تأطير ومراقبة أداء ‏المحاكم. فبموجب المادة 108 من القانون التنظيمي رقم 100.13، يضطلع المجلس بمهام تأطير العمل ‏القضائي بهدف ضمان حسن سير العدالة وتعزيز ثقة المتقاضين. وفي هذا السياق، اتخذ المجلس خلال ‏عام 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء‎.‎

تمثلت أبرز هذه الإجراءات في استكمال الهياكل الإدارية للأقطاب القضائية الثلاثة‎: ‎القطب ‏المدني، والقطب الجنائي، والقطب المتخصص‎.‎‏ وقد تم تفعيل مهام هذه الأقطاب بشكل كامل، حيث ‏باشرت دورها المحوري في تتبع أداء المحاكم، وتحليل الإحصائيات القضائية المفصلة، ورصد مؤشرات ‏النجاعة. وتشكل هذه الجهود المؤسسية القاعدة الصلبة التي انطلقت منها مبادرات عملية هادفة، ‏وأبرزها تفعيل مبدأ الأجل المعقول للبت في القضايا‎.‎

‏1-‏ تفعيل مبدأ "الأجل المعقول": تحديد الآجال الاسترشادية

في خطوة نوعية لتحقيق النجاعة القضائية، أطلق المجلس الأعلى للسلطة القضائية مبادرة ‏تحديد الآجال الاسترشادية للبت في مختلف أنواع القضايا. تستند هذه المبادرة إلى أساس دستوري ‏وقانوني متين، يتمثل في المادة 120 من الدستور التي تلزم القضاة بالبت في القضايا داخل أجل معقول، ‏والمادة 45 من القانون التنظيمي للقضاة التي خولت للمجلس تحديد هذه الآجال‎.‎

وقد اتبع المجلس منهجية علمية لتحديد هذه الآجال، حيث أجرى دراسة معمقة استمرت أربعة ‏أشهر، اعتمدت على تحليل كمي لبيانات نظام التدبير المعلوماتي للقضايا‎ (S@J2) ‎خلال الفترة الممتدة ‏من 2018 إلى 2023. ومن المهم التأكيد على أن هذه الآجال الاسترشادية لا تمس بالضمانات القانونية ‏لحقوق الدفاع أو شروط المحاكمة العادلة، بل تهدف إلى ترشيد تدبير الزمن القضائي ومحاربة أسباب ‏التأخير غير المبرر، مثل تكرار التأجيلات التي لا تستند إلى أساس قانوني أو واقعي. ويرتبط نجاح هذه ‏المبادرة ارتباطاً وثيقاً بمدى التقدم المحرز في مسار التحول الرقمي للنظام القضائي‎.‎

‏2-‏ تطوير المنظومة المعلوماتية لتتبع الآجال الاسترشادية

يلعب التحول الرقمي دوراً محورياً في دعم مبادرة الآجال الاسترشادية وتحقيق الأمن القضائي. ‏وإدراكاً لهذه الأهمية، يعمل المجلس على تطوير منظومة معلوماتية متكاملة لتتبع نجاعة أداء المحاكم، ‏تهدف إلى توفير أدوات دقيقة للمراقبة والتقييم. وتشمل الوظائف الرئيسية لهذه المنظومة ما يلي‎:‎

 توفير آلية لضبط آجال البت في القضايا ومقارنتها بالآجال الاسترشادية المحددة‎.‎

 رصد الملفات الرائجة التي تجاوزت آجالها المحددة لتسهيل التدخل والمعالجة‎.‎

 تمكين هياكل المجلس من مراقبة مدى احترام المحاكم لهذه الآجال على المستوى ‏الوطني‎.‎

 إنشاء قاعدة بيانات للقضايا المزمنة لتحليل أسبابها ووضع خطط لمعالجتها‎.‎

 توفير لوحات قيادة تسمح بالمراقبة المستمرة لنشاط المحاكم‎.‎

 إتاحة مؤشرات آنية للبيانات المرتبطة ببرمجة جلسات المحاكم‎.‎

‏3-‏ تعزيز الشفافية: نشر الاجتهاد القضائي وتعميم الدوريات

يعكس النشر الرقمي للاجتهاد القضائي التزام المجلس بضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، ‏وتعزيز الأمن القضائي، وتكريس الشفافية والنزاهة، بما يعزز ثقة المواطنين في العدالة. وفي إطار ‏البرنامج الاستراتيجي للمجلس، أطلقت البوابة الرقمية الخاصة بقرارات محكمة النقض في 26 يناير ‏‏2022، والتي تم تطويرها خلال سنة 2024 لتعزيز قاعدة البيانات القضائية ونشر الاجتهادات ‏الحديثة، بما يسهم في دعم القضاة وعموم المهتمين بالشأن القضائي‎.‎

تشير الإحصاءات إلى تزايد عدد القرارات المنشورة على البوابة القضائية:‏

 قرارات محكمة النقض: 2022: 13.206 قراراً، 2023: 24.065 قراراً، 2024: 36.000 قرار‎.‎

 قرارات محاكم الاستئناف: 2022: 110 قرارا، 2023: 274 قراراً، 2024: 688 قراراً‎.‎

 أحكام المحاكم الابتدائية: 2023: 34 حكما، 2024: 364 حكما‎.‎

وقد بلغ عدد زوار البوابة القضائية خلال سنة 2024 ما مجموعه 4.058.216 زائراً، وهو ما ‏يعكس الإقبال الكبير على الاطلاع على الاجتهاد القضائي والاعتماد على البوابة كمصدر رسمي وموثوق‎.‎

تُظهر الأرقام زيادة كبيرة في عدد القرارات المنشورة، خاصة على مستوى محكمة النقض. وبينما لم ‏تكن البيانات الكاملة الخاصة بالمحاكم الابتدائية لعام 2024 متاحة وقت صدور التقرير، فإن التوجه ‏العام يعكس إرادة قوية لتعميم الاجتهاد القضائي. وقد بلغ إجمالي عدد زوار البوابة خلال عام 2024 ما ‏مجموعه ‏‎4,058,216 ‎‏ زائراً، وهو مؤشر على الاهتمام المتزايد بالوصول إلى المعلومة القضائية‎.‎

إلى جانب نشر القرارات، شكلت "الدوريات" الصادرة عن الرئيس المنتدب للمجلس خلال عام ‏‏2024 أداة تأطيرية هامة. فقد عملت هذه الدوريات على إطلاع القضاة على المستجدات التشريعية ‏والتنظيمية، وتنبيههم لبعض الإخلالات المهنية المرصودة، وتوحيد الممارسات القضائية، مما يساهم في ‏ضمان تطبيق سليم وموحد للقانون‎.‎

ثانيا: تحليل الأداء القضائي للمحاكم

بعد استكمال إحداث البنيات الإدارية للأقطاب القضائية للمجلس الأعلى للسلطة ‏القضائية، شرعت هذه البنيات في مباشرة مهامها بشأن تتبع أداء المحاكم، واستجماع ‏الإحصائيات وتحليلها، وإنجاز الدراسات والتقارير حول القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي ‏العام الوطني.‏

‏1-‏ قضاء الأسرة: بين المؤشرات الكمية والتحديات الاجتماعية

أ‌-‏ إشكالية زواج القاصر: تحليل الأرقام والدلالات

رغم أن المادتين 20 و 21 من مدونة الأسرة وضعتا إطاراً قانونياً صارماً لزواج القاصر، معتبرة إياه ‏استثناءً يتطلب موافقة قضائية تستند إلى مصلحة معتبرة وظروف مبررة، إلا أن الأرقام تكشف عن ‏استمرار هذه الظاهرة وتكشف عن أبعادها الاجتماعية العميقة‎.‎

وقد شهد عام 2024 انخفاضاً عاماً في طلبات الإذن بزواج القاصر بنسبة ‏‎-17.02% ‎مقارنة مع ‏سنة 2023. هذا وقد انخفضت الطلبات الخاصة بالإناث بنسبة ‏‎17.5%‎‏-، بينما ارتفعت الطلبات ‏الخاصة بالذكور بنسبة ‏‎.+33.68%‎‏ ‏

ومن خلال تحليلنا للمعطيات الإحصائية الواردة في التقرير حول طلبات الزواج دون سن الأهلية، ‏نستنتج التالي:‏

تمركز ‏‎55,6‎‏ ‏‎%‎‏ من الطلبات الرائجة في 5 دوائر قضائية بكل من مراكش وفاس والقنيطرة ‏والجديدة وبني ملال؛

سجلت الدائرة القضائية بالرشيدية المرتبة الأولى من حيث مؤشر نسبة القبول من الرائج ‏لطلبات الزواج دون سن الاهلية بنسبة بلغت ‏‎81,01‎‏ ‏‎%‎، وأدناها بالدائرة القضائية بسطات بنسبة ‏قبول لا تتجاوز ‏‎20,1‎‏ ‏‎%‎؛

بلغ عدد طلبات الزواج دون سن الأهلية الرائجة المتعلقة بالإناث ما مجموعه 16730 طلباً، ‏بنسبة 98,50 % من مجموع الرائج، فيما بلغ عدد الطلبات الرائجة المتعلقة بالذكور 255 طلباً، بنسبة ‏لا تتعدى 1,50 ‏‎%‎‏. أما بالنسبة لعدد الطلبات المقبولة المتعلقة بالإناث، فقد بلغ 10570 طلباً، بنسبة ‏‏63,18 % من الرائج، في حين لم تتجاوز الطلبات المقبولة المتعلقة بالذكور 121 طلباً، بنسبة 47,45 %.‏

تصدر عدد طلبات الزواج دون سن الأهلية للفئة العمرية التي تجاوزت سن 17 سنة بما مجموعه ‏‏10984 طلباً، بنسبة 65,56 % من مجموع الطلبات المسجلة، صدر بشأنها 7828 مقرراً بالقبول، بنسبة ‏‏70,55 % من الرائج؛

شكل عدد طلبات الزواج دون سن الأهلية للغير الممارسين لنشاط مهني الغالبية العظمى من ‏الطلبات الرائجة حيث بلغ 16386 من أصل 16985 طلب، بنسبة ‏‎96,47‎‏ ‏‎%‎؛

انتشار زواج القاصر في صفوف القاصرين غير المتمدرسين، حيث بلغ عدد طلبات الزواج ‏المسجلة من طرف هذه الفئة، 15503 طلباً، بنسبة 92,53 % من المسجل برسم هذه سنة 2024، تليها ‏طلبات فئة المتمدرسين بما مجموعه 885 طلباً، بنسبة 5,28 %، وأخيراً طلبات فئة المنقطعين عن ‏الدراسة 367 طلباً، بنسبة 2,19‏‎%‎‏. كما بلغت نسبة الاستجابة لهذه الطلبات من الرائج بالنسبة لفئة ‏غير المتمدرسين نسبة 64,26 %، وفئة المتمدرسين نسبة 48,36 %، وفئة المنقطعين عن الدراسة نسبة ‏‏43,09 %.‏

انتشار الزواج دون سن الأهلية بالمجال القروي، حيث بلغ عدد طلبات الزواج 13091 طلباً، ‏بنسبة 78,13 %، في المقابل بلغ عدد الطلبات الزواج بالمجال الحضري 3664 طلباً، بنسبة 21,87‏‎%‎‏. ‏كما بلغت نسبة الاستجابة لطلبات القاطنين بالمجال القروي 79,65 %، فيما بلغت نسبة الاستجابة ‏لطلبات القاطنين بالمجال الحضري 87,52 %.‏

تكشف هذه الأرقام بوضوح أن إشكالية زواج القاصر وكيفما كانت الحلول القانونية المتخذة ‏لمواجهة هذه الظاهرة، فإنها ستظل غير كافية إن لم تكن منصهرة في إطار التقائية السياسات ‏العمومية والاستراتيجيات الرامية إلى معالجة العوامل الأساسية الني تسمح باستمرار تزويج الأطفال ‏بصفة عامة ومن بينها ضمان التعليم الإجباري للفتيات في كامل التراب الوطني، ولا سيما في القرى ‏والبوادي والتصدي لظاهرة الهدر المدرسي. كما أن معالجة الأمر مرتبط أيضا بالعامل الثقافي ‏والاقتصادي والاجتماعي، وذلك بالعمل على تغيير عقلية ومفاهيم اجتماعية سائدة، ونشر الوعي ‏ومحو الأمية والجهل، ومحاربة الفقر والهشاشة، والتي تعتبر بمثابة البيئة الحاضنة والمنتجة لهذا ‏النوع من الزواج، وإعادة إنتاجه. ‏

ب‌-‏ دعاوى ثبوت الزوجية: الأسباب والاتجاهات

تعتبر "دعاوى ثبوت الزوجية" آلية قانونية لتصحيح أوضاع الزواج غير الموثق، والذي غالباً ما ‏ينتج عن أسباب متعددة كالجهل بالقانون، أو بعد المسافة عن المرافق الإدارية، أو ظروف قاهرة. وقد ‏شهد عام 2024 ارتفاعاً ملحوظاً في هذا النوع من القضايا مقارنة مع سنة 2023‏‎:‎

 ارتفع عدد القضايا المسجلة بنسبة ‏‎17.44‎‏+ ‏‎%‎؛

 ارتفع عدد القضايا الرائجة بنسبة ‏‎29.69‎‏+ ‏‎%‎؛

 ارتفع عدد القضايا المحكومة بنسبة ‏‎42.69‎‏+ ‏‎%‎؛

جغرافياً، احتلت الدائرة القضائية لبني ملال المرتبة الأولى في عدد القضايا المسجلة لعام 2024. ‏ويعكس هذا الارتفاع المستمر استمرار وجود زيجات غير موثقة على أرض الواقع، مما يطرح تحديات ‏تتعلق بحماية حقوق الزوجة والأطفال، ويستدعي تكثيف حملات التوعية بأهمية توثيق عقود الزواج‎.‎

ت‌-‏ انحلال ميثاق الزوجية: تحليل قضايا الطلاق والتطليق

تميز مدونة الأسرة بين "الطلاق"، الذي يمارسه الزوجان تحت مراقبة القضاء، و"التطليق"، الذي ‏يتم بحكم قضائي بناءً على طلب أحد الطرفين لأسباب محددة قانوناً. ويكشف تحليل بيانات ‏سنة2024 عن اتجاهات متباينة ومهمة‎.‎

فيما يخص قضايا الطلاق، هيمن "الطلاق الاتفاقي" بشكل شبه كامل، حيث شكل أكثر من ‏‎96% ‎من مجموع قضايا الطلاق المسجلة. ويمكن اعتبار هذا المؤشر تطوراً إيجابياً، إذ يعكس نضجاً متزايداً ‏لدى الأزواج وتفضيلهم للحلول التوافقية التي تنهي العلاقة الزوجية بشكل ودي، مما يخفف من الآثار ‏النفسية السلبية على الأطفال ويحافظ على مصالحهم الفضلى‎.‎

أما في قضايا التطليق، فقد لوحظت هيمنة ساحقة لـ "التطليق للشقاق"، الذي شكل أكثر من ‏‎97% ‎من مجموع قضايا التطليق. وأصبح هذا النوع هو الآلية شبه الوحيدة التي يلجأ إليها الأطراف ‏لإنهاء العلاقة الزوجية قضائياً، مما أدى إلى تهميش شبه تام لباقي أنواع التطليق التي نصت عليها ‏المدونة (مثل التطليق للغيبة، للضرر، للعيب، أو لعدم الإنفاق)‏‎.‎

عند مقارنة إجمالي قضايا الطلاق والتطليق، يبرز واقع لافت: عدد قضايا التطليق المسجلة يمثل ‏تقريباً ثلاثة أضعاف عدد قضايا الطلاق. ويمكن تفسير هذا التوجه بعدة عوامل، أبرزها سهولة ‏مسطرة التطليق للشقاق التي لا تتطلب إثباتاً معقداً للضرر، مقارنة بالتعقيدات المسطرية التي قد ‏تصاحب بعض أنواع الطلاق‎.‎

‏2-القضاء الجنائي: إدارة القضايا المعقدة والمتخصصة

يضطلع القضاء الجنائي بدور حيوي في مكافحة الجريمة وحماية أمن المجتمع. ويركز هذا القسم ‏على تحليل الأداء العام لهذا القطاع، بالإضافة إلى تقييم أداء الأقسام المتخصصة في الجرائم المالية ‏والإرهاب، والتي تتطلب خبرات وقدرات نوعية. وأظهر الأداء العام للقضاء الزجري لعام 2024 مؤشرات ‏إيجابية‎:‎

 تصفية المسجل‎: ‎بلغت نسبة تصفية القضايا المسجلة ‏‎%104.34‎، متجاوزة بذلك ‏الهدف المحدد من قبل المجلس ‏‎%103‎؛

 تصفية الرائج‎: ‎تحسنت نسبة تصفية القضايا الرائجة لتبلغ ‏‎%89.52‎؛

 المخلف بدون حكم‎: ‎سُجل انخفاض كبير في عدد القضايا المتبقية بدون حكم بنسبة ‏‎%-25.57‎؛

 الأجل الاسترشادي‎: ‎بلغت نسبة البت في القضايا الزجرية داخل الأجل الاسترشادي ‏‎%75‎‏.‏

أ‌-‏ أقسام الجرائم المالية وغسل الأموال: الفعالية والتحديات

تم إحداث أربعة أقسام متخصصة في الجرائم المالية (بالرباط، الدار البيضاء، فاس، ومراكش) ‏وغرف مختصة بجرائم غسل الأموال بهدف تركيز الخبرة وتسريع معالجة هذه القضايا النوعية‎.‎

أظهر أداء أقسام الجرائم المالية في 2024 تحسناً ملحوظاً، حيث صدر ما مجموعه ‏‎416 ‎مقررًا ‏قضائيًا. وتَصَدَر َقسم الجرائم المالية باستئنافية فاس القائمة ب 144 مقرراً، بمتوسط أجل بت بلغ 90 ‏يوماً، يليه قسم الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بمراكش بـ 141 مقرراً، بمتوسط أجل بت بلغ 356 ‏يوماً، ثم قسم الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بالرباط ب 78 مقرراً وبمتوسط أجل بت بلغ 228 ‏يوماً، وأخيراً قسم الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ب 53 مقرراً وبمتوسط أجل بت ‏بلغ 323 يوماً.‏

وعلى مستوى الآجال المفترضة للبت في قضايا جرائم الأموال، يتضح أن التدابير والإجراءات التي ‏اتخذتها الهيئات القضائية من خلال مواكبة المسؤولين القضائيين والبُنى المركزية المختصة، مكنت من ‏تقليص هذه المدة نسبياً، حيث سجل انخفاض في المدة المفترضة للبت في القضايا الرائجة بين سنتي ‏‏2023 و2024 بشكل ملحوظ على مستوى الدائرة الاستئنافية بمراكش، حيث بلغت نسبة الانخفاض ‏‏67 % في حين عرف هذا المؤشر انخفاضاً طفيفاً على مستوى كل من الدائرتين الاستئنافيتين بالدار ‏البيضاء والرباط.‏

ب‌-‏ الغرف المختصة بالبت في جرائم غسل الأموال

تختص هذه الغرف بالنظر في الجرائم التي أحدثها القانون رقم 12.18 المتعلق بمكافحة غسل ‏الأموال، والهدف منها هو خلق قضاء متخصص في هذا النوع من القضايا، وتسريع وتيرة البت فيها ‏والرفع من النجاعة القضائية.‏

وقد شهد أداء هذه الغرف دينامية إيجابية، حيث أصدرت برسم سنة 2024 ما مجموعه 312 ‏مقررا في الموضوع، موزعة ما بين 228 حكماً ابتدائياً و84 قراراً استئنافياً، وتصدرت الدائرة الاستئنافية ‏بمراكش القائمة ب 117 مقرراً بمتوسط أجل بت لا يتجاوز 117 يوماً، ثم دائرة الرباط ب 81 مقرراً ‏بمتوسط أجل بت بلغ 350 يوماً، ودائرة فاس ب 79 مقرراً بمتوسط أجل بت بلغ 62 يوماً، ثم دائرة ‏الدار البيضاء ب 35 مقرراً بمعدل أجل بت لا يتجاوز 121 يوماً.‏

وقد سجلت المدة المفترضة للبت في القضايا الرائجة بين سنتي 2023 و2024 انخفاضاً ملحوظاً، ‏حيث بلغت نسبة الانخفاض 74% بالنسبة لاستئنافية الدار البيضاء و68 % بالنسبة للدائرة ‏الاستئنافية بالرباط، وهو مؤشر دال على كون التدابير والإجراءات المتخذة قد حققت تطوراً في الأداء ‏القضائي في هذا النوع من القضايا.‏

ت‌-‏ قضاء مكافحة الإرهاب: سرعة وفعالية

نظراً لحساسية جرائم الإرهاب، تم تركيز الاختصاص الوطني الحصري في هذا المجال لدى محكمة ‏الاستئناف بالرباط. وقد أظهر أداء قسم جرائم الإرهاب لعام 2024 حصيلة مميزة تعكس فعالية ‏عالية‎:‎

 أصدر قسم الجرائم الإرهابية بمحكمة الاستئناف بالرباط برسم سنة 2024، 177 ‏مقرراً قضائياً، موزعة ما بين 85 مقرراً ابتدائياً و92 مقرراً استئنافياً.‏

 بلغ عدد الملفات المحكومة داخل الآجال الاسترشادية للبت في قضايا الإرهاب 175 ‏مقرراً قضائياً، من أصل 177، أي بنسبة بلغت ‏‎%99‎‏ من هذه القضايا داخل الأجل ‏الاسترشادي المحدد لها‎.‎

وتعتبر هذه النتائج مؤشراً قوياً على السرعة والفعالية التي يتم بها التعامل مع هذا النوع من ‏الجرائم، مما يضمن تحقيق الردع والمحاسبة في إطار زمني معقول‎.‎

ث‌-‏ قضايا الاستيلاء على عقارات الغير

تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية المعبر عنها في الرسالة الموجهة إلى وزير العدل بتاريخ 31 دجنبر ‏‏2016 بشأن مكافحة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، يحرص المجلس الأعلى للسلطة القضائية ‏على المساهمة في المجهود الذي تبذله كل القطاعات المعنية لمحاصرة هذه الظاهرة ومكافحتها‎.‎

وفي هذا السياق يتولى قطب القضاء الجنائي بإدارة المجلس مهمة تجميع الإحصائيات المسجلة ‏بمختلف محاكم المملكة المتعلقة بقضايا الاستيلاء على عقارات الغير، وتحليلها، وتقييم أداء المحاكم ‏وتأطيره، وتوفير المعلومة اللازمة للجنة المكلفة بتتبع هذه الظاهرة لاتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات ‏وتدابير‎.‎

وقد بلغ عدد قضايا الاستيلاء على عقارات الغير، التي راجت أمام قضاء التحقيق بالمحاكم ‏الابتدائية ومحاكم الاستئناف، إلى غاية 31 دجنبر 2024 ما مجموعه 332 قضية، منها 64 قضية أمام ‏قضاء التحقيق بالمحاكم الابتدائية، و268 قضية أمام قضاء التحقيق بمحاكم الاستئناف.‏

هذا ويجدر التذكير بأن أكبر عدد من قضايا الاستيلاء على عقارات الغير أمام قضاء التحقيق ‏بمحاكم الاستئناف، سُجل بمحكمة الاستئناف بمراكش بما مجموعه 101 قضية، أي ما يعادل ‏حوالي37.6 % من إجمالي القضايا، إلى غاية 31 دجنبر من سنة 2024، تليها محكمة الاستئناف بمكناس ‏بما مجموعه 37 قضية، بحوالي نسبة 13.80 % من إجمالي القضايا، ثم محكمة الاستئناف بالناظور ‏بما مجموعه 26 قضية، أي حوالي 9.70 % من إجمالي القضايا‏‎.‎

وبلغ عدد القضايا التي انتهت فيها إجراءات التحقيق بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف إلى ‏غاية 31 دجنبر من سنة 2024، ما مجموعه 97 قضية، منها 64 قضية بمحاكم الاستئناف و32 قضية ‏بالمحاكم الابتدائية. في حين بلغ عدد القضايا التي ما زالت رائجة أمام قضاء التحقيق إلى غاية 31 ‏دجنبر من سنة 2024 ما مجموعه 235 قضية، منها 204 قضية بمحاكم الاستئناف، و31 قضية ‏بالمحاكم الابتدائية.‏

وتحتل محكمة الاستئناف بمراكش، المرتبة الأولى من حيث القضايا التي ما زالت رائجة أمام قضاء ‏التحقيق بمحاكم الاستئناف بما مجموعه 84 قضية، تليها محكمة الاستئناف بمكناس بـ 28 قضية، ثم ‏محكمة الاستئناف بالناظور بـ 24 قضية.‏

وبلغ عدد قضايا الاستيلاء على عقارات الغير، أمام قضاء الحكم بالمحاكم الابتدائية ومحاكم ‏الاستئناف إلى غاية 31 دجنبر من سنة 2024 ما مجموعه 563 قضية، منها 476 بمحاكم الاستئناف ‏و85 بالمحاكم الابتدائية. وتم البت من طرف قضاء الحكم فيما مجموعه 382 قضية، منها 70 قضية ‏بتت فيها المحاكم الابتدائية، و312 قضية بتت فيها محاكم الاستئناف.‏

من خلال التقرير، يلاحظ أن تصريف قضايا الاستيلاء على عقارات الغير ارتفع بوتيرة ملحوظة ‏خلال سنة 2024، عقب شروع قطب القضاء الجنائي في تتبع هذه القضايا وتوجيه كتب بهذا الشأن إلى ‏المسؤولين القضائيين، حيث بلغ عدد القضايا المحكومة 171 قضية، أي ما يمثل 55 % من مجموع ‏المحكوم الذي بلغ 312 قضية إلى غاية 31 دجنبر من سنة 2024. وقد بلغ عدد القضايا التي ما زالت ‏رائجة إلى غاية 31 دجنبر من سنة 2024 أمام قضاء الحكم، ما مجموعه ‏‎179‎‏ قضية، منها ‏‎15‎‏ قضية ‏بالمحاكم الابتدائية و‎164‎‏ قضية بمحاكم الاستئناف.‏

ج‌-‏ قضايا الاتجار في البشر

يعتبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية عضواً فاعلا ضمن المنظومة الوطنية لمكافحة الاتجار ‏بالبشر والوقاية منه، وذلك من خلال عضويته باللجنة الوطنية لتنسيق مجهودات مكافحة الاتجار ‏بالبشر والوقاية منه‎.‎

وفي هذا السياق يضطلع المجلس بدوره كاملاً للمساهمة في الارتقاء بعمل هذه اللجنة، والرفع من ‏نجاعة أدائها، وذلك من خلال توفيره للإحصائيات والمؤشرات الرقمية الخاصة بهذه القضايا، وإنجاز ‏التقارير الموضوعاتية، وتقديم التوصيات والاقتراحات المستمدة من واقع الممارسة العملية للمحاكم‎.‎

وقد بلغ مجموع المقررات الصادرة برسم سنة 2024 في قضايا الاتجار بالبشر بمختلف محاكم ‏المملكة بجميع درجاتها 160 مقرراً، موزعة ما بين 84 مقرراً ابتدائياً، و76 قراراً استئنافياً‎.‎

وتتصدر الدائرة الاستئنافية بالرباط عدد المحكوم في هذا النوع من القضايا ب 26 مقرراً قضائياً ‏تليها استئنافية طنجة ب 21 مقررا ثم مراكش ب 20 مقرراً.‏

ومن خلال دراسة القضايا المحكومة من طرف غرف الجنايات الابتدائية، يتبين أن 52 % منها ‏قضت بالإدانة من أجل جرائم الاتجار بالبشر، في مقابل 34% منها قضت بالبراءة، أما %14 من ‏القضايا فقد تمت إعادة تكييفها إلى جرائم أخرى، من قبيل جنحة جلب الأشخاص من أجل ممارسة ‏البغاء، وهتك عرض قاصر وجنحة النصب.‏

أما بخصوص غرف الجنايات الاستئنافية، فيتضح أن 43 % من القضايا المستأنفة انتهت بتأييد ‏الإدانة من أجل جرائم الاتجار بالبشر، في مقابل 24 % من حالات إعادة التكييف، و20 % تم فيها تأييد ‏حكم البراءة، بينما تم إلغاء الإدانة في 9% من المقررات الابتدائية، وإلغاء البراءة في 4 % من مجموع ‏القضايا.‏

وقد بلغ مجموع الأشخاص المدانين من أجل جريمة الاتجار بالبشر، 120 مدانًا/ة برسم سنة ‏‏2024، يتوزع بين الذكور 76 مداناً، و44 مدانة من الإناث. كما يحمل أغلب المدانين الجنسية المغربية ‏‏(113 مداناً أي بنسبة ‏‎94‎‏ ‏‎%‎‏)، والباقي يحمل جنسيات أخرى، ومنه يتضح أن هذه الجريمة لها طابع ‏دولي عابر للحدود.‏

وفيما يخص توزيع المدانين حسب صور الاستغلال، فقد شكل الاستغلال الجنسي النسبة الأكبر ‏من صور الاستغلال التي تمت الإدانة من أجلها برسم سنة 2024، حيث بلغ عدد الإدانات من أجل ‏الاستغلال الجنسي 92 إدانة، تليه الهجرة السرية بـ 18 إدانة، والتسول بـ 8 إدانات، في حين سجلت ‏إدانة واحدة لكل من العمل القسري، والاستغلال للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة.‏

ويحظى ضحايا الاتجار بالبشر بحماية خاصة، وقد تضمن قانون 14.27 المتعلق بمكافحة ‏الاتجار بالبشر مقتضيات متعلقة بحماية الضحايا ومساعدتهم، والتكفل بهم للتخفيف من الآثار ‏السلبية للاعتداءات التي يتعرضون لها وإعادة إدماجهم في المجتمع. وقد بلغ عدد هؤلاء الضحايا برسم ‏سنة 2024 ما مجموعه 269 ضحية، موزعة حسب الفئة العمرية والجنس على النحو التالي:‏

بلغ عدد الضحايا الراشدون في قضايا الاتجار بالبشر 175 ضحية بنسبة 65 %، في حين بلغ ‏عدد الضحايا القاصرون 94 ضحية بنسبة 35%. ويمكن تفسير ذلك بكون الرشداء غالباً ما يكونون في ‏وضعية بحث عن العمل، أو يحاولون تحسين ظروفهم المعيشية، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستغلال‎. ‎

تعتبر فئة الإناث الأكثر عرضة للاتجار بالبشر، حيث بلغت 64%، في حين بلغت نسبة الذكور ‏‏36 %، ويمكن تفسير ذلك بكون النساء هن الأكثر هشاشة في مواجهة الضغوط سواء من الزاوية ‏النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، كما أنهن يكن في الغالب ضحية الاستغلال الجنسي.‏

‏3-‏ القضاء التجاري والإداري: مؤشرات النجاعة في القضايا المتخصصة

يلعب القضاء التجاري والإداري دوراً حاسماً في تحسين مناخ الأعمال، وحماية الاستثمار، وضمان ‏حقوق المتقاضين في مواجهة الإدارة. ويُظهر أداؤهما في عام 2024 مؤشرات نجاعة إيجابية مع بروز ‏ظواهر لافتة‎.‎

أ‌-‏ المحاكم التجارية: الأداء العام وقضايا الملكية الصناعية

سجلت المحاكم التجارية مؤشرات نجاعة قضائية جيدة خلال سنة 2024، حيث بلغت نسبة ‏تصفية القضايا المسجلة ‏‎98.6‎‏ ‏‎%‎‏ بالمحاكم الابتدائية التجارية، و‎102.7‎‏ ‏‎%‎‏ بمحاكم الاستئناف ‏التجارية، في حين بلغت نسبة تصفية القضايا الرائجة 90,4 %‏‎ ‎بالمحاكم الابتدائية التجارية، و79,1 % ‏في محاكم الاستئناف التجارية، كما بلغت نسبة القضايا التي تم البت فيها داخل الأجل الاسترشادي ‏بالمحاكم التجارية بدرجتيها الأولى والثانية 77,39 %.‏

‏-‏ حصيلة أداء المحاكم التجارية في قضايا الملكية الصناعية:‏

تشمل قضايا الملكية الصناعية مجموعة متنوعة من المنازعات، من أبرزها: دعاوى المنافسة غير ‏المشروعة، ودعاوى التزييف التي تمس حقوق الملكية الصناعية، سواء تعلق الأمر بعلامات الصنع أو ‏التجارة أو الخدمات بمختلف فئاتها، أو ببراءة الاختراع، أو تصاميم الدوائر المندمجة، أو الرسوم ‏والنماذج الصناعية، أو الأسماء التجارية، أو بيانات المنشأ والمصدر. كما يتضمن هذا التصنيف أيضاً ‏دعاوى استرداد حق الملكية، ودعاوى التشطيب، ودعاوى إسقاط الحق في العلامة، ودعاوى بطلان ‏التسجيل، فضلاً عن دعاوى.



إقــــرأ المزيد