Advertising

أزمة المقابر بسلا... مدينة تبحث عن مثوى لأبنائها

03:00
أزمة المقابر بسلا... مدينة تبحث عن مثوى لأبنائها
بقلم: EL JAMMAL Mohammed
Zoom

تعيش مدينة سلا واحدة من أعقد أزماتها الاجتماعية والخدماتية، بعد أن بلغت معظم مقابرها طاقتها الاستيعابية القصوى، ما اضطر السلطات إلى استغلال الممرات داخل المقابر لدفن الموتى بشكل عشوائي، في مشهد أثار موجة استياء واسعة بين السكان وتحذيرات من هيئات دينية وحقوقية من المساس بحرمة الأموات.

في مقبرة سيدي بلعباس، الأكبر على صعيد المدينة، تحفر القبور في الممرات دون احترام المعايير الشرعية، خصوصا المتعلقة بتوجيه القبور نحو القبلة، بعدما امتلأت كل المساحات المخصصة للدفن. وتشير المعطيات إلى أن سلا، التي يفوق عدد سكانها المليون نسمة وتسجل ما يزيد عن 40 حالة وفاة يوميا، تفتقر إلى رؤية واضحة لتدبير هذا المرفق الحساس رغم مناقشة مشاريع متعددة خلال السنوات الأخيرة.

وكشفت مصادر من داخل مجلس جماعة سلا أن مشروع إحداث مقبرة جديدة كان مطروحاً قبل تفاقم الأزمة، غير أن السلطات تحفظت على الموقع المقترح لقربه من المطار، ليُقترح لاحقاً بديلان في جماعتي عامر واحصين دون أن يتم تفعيل أي منهما. ومن المشاريع التي بقيت حبيسة الرفوف مشروع مقبرة بمنطقة سيدي احميدة على مساحة 12 هكتاراً وبكلفة تناهز 12 مليون درهم، لكنه تعثر بسبب خلاف حول ثمن اقتناء العقار.

وتعود محاولات الجماعة لتأهيل المقابر إلى سنة 2018 حين وُقّعت اتفاقية شراكة مع جمعية تدبير مقابر سلا لتولي مهام الصيانة والتنظيم وفق المعايير الشرعية والبيئية مقابل منحة سنوية قدرها 1.3 مليون درهم، غير أن هذه الجهود لم تفلح في الحد من الضغط المتزايد الناتج عن الإغلاق التدريجي لمعظم المقابر.

وتضم المدينة نحو 12 مقبرة موزعة على خمس مقاطعات، أغلقت منها ست بسبب الاكتظاظ، فيما باتت مقبرة سيدي بلعباس على وشك الإغلاق الكامل. وأوضح وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في جواب برلماني سابق أن الجماعة وقّعت اتفاقية مع جماعة السهول لإحداث مقبرة مشتركة على مساحة 20 هكتاراً، غير أن المشروع تعثر بسبب اعتراض وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية لوجود العقار داخل المنطقة الوقائية لحقينة سد سيدي محمد بن عبد الله.

وفي ظل تعثر الحلول، أوكلت السلطات الإقليمية لجنة مختلطة مهمة تحديد مواقع بديلة، إلا أن معظم الأراضي المقترحة واجهت عراقيل مرتبطة بموقعها الجغرافي أو ارتفاع أسعارها، مما عمّق الأزمة. ويرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة إنسانية ودينية، داعين إلى اعتماد تصور شامل يضمن تدبير مرفق المقابر بما يصون كرامة الموتى ويعكس صورة مدينة ما زالت تبحث عن “مثوى يليق بأبنائها بعد رحيلهم”.



إقــــرأ المزيد