Advertising

بالأرقام..كم يكسب المغرب من ورقة الأمن؟

الاثنين 15 شتنبر 2025 - 15:16
بالأرقام..كم يكسب المغرب من ورقة الأمن؟
Zoom

يشكل الأمن اليوم أحد أهم المكونات الاقتصادية غير المرئية، حيث لم يعد مجرد أداة لحماية الأفراد والممتلكات، بل تحول إلى استثمار استراتيجي ينعكس بشكل مباشر على الناتج الداخلي الخام ويضمن استدامة النمو. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن غياب الأمن يكلف الاقتصادات الهشة ما بين 2 في المائة و5 في المائة من ناتجها الداخلي الخام سنويا، وهو ما يمثل هدرا لموارد النمو وفرص التنمية.

وحسب ما أكده آخر تقرير لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، فإن المغرب بفضل مقاربته الأمنية الاستباقية، التي شملت تفكيك الخلايا الإرهابية ومكافحة التهريب والجريمة المنظمة، تمكن من تقليص هذه الكلفة بشكل ملموس، حيث تفادى خسائر سنوية تتراوح بين 60 و90 مليار درهم. هذا الإنجاز يؤكد أن كل درهم يُستثمر في الأمن يولد قيمة مضافة، إذ يحمي الاقتصاد الوطني ويعزز ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال المغربية.

لكن مردودية الأمن لا تنحصر في الجانب المالي فقط، بل تمتد أيضا إلى حماية الرأسمال البشري باعتباره محرك التنمية والإنتاجية. فالتجارب الدولية تبرز بوضوح خطورة غياب الأمن على العقول والكفاءات. ففي جنوب إفريقيا مثلا، التي تسجل حوالي 25 ألف جريمة قتل سنويا، أدى تفشي العنف إلى موجات هجرة واسعة للكفاءات، ما كبد الاقتصاد المحلي خسائر بمليارات الدولارات نتيجة فقدان اليد العاملة المؤهلة.

في المقابل، يبرز المغرب كنموذج مغاير، إذ ساعد الاستقرار الأمني على الحفاظ على كفاءاته الوطنية، وفي الوقت نفسه جذب أطر وخبرات أجنبية، وهو ما انعكس إيجابيا على مؤشرات الابتكار والإنتاجية. ووفق ما أفاده التقرير ذاته، فقد تقدم المغرب بستة مراكز في مؤشر السلام العالمي لسنة 2024 ليحتل المرتبة 78 عالميا، كما تمكن من تقليص العبء الاقتصادي للعنف إلى حوالي 7,2 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي.

وتبرز هذه المؤشرات أن السياسات الأمنية المغربية لم تعد مجرد تدابير للردع أو الوقاية، بل تحولت إلى رافعة اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد. فهي من جهة تحمي الموارد المالية عبر تقليص كلفة الجريمة، ومن جهة أخرى تحافظ على العقول والكفاءات، ما يجعل الأمن اليوم استثمارا خفيا لكنه حاسم في دعم تنافسية الاقتصاد الوطني وضمان استدامة النمو.



إقــــرأ المزيد