الطاكسيات والتطبيقات..البقاء للأقوى
أيوب الكمدي
أصحاب طاكسيات لقبوا بالشبيحة وآخرون أسسوا مجموعة فيسبوكية باسم صقور البيضاء تتربص بسائقي شركات النقل والتطبيقات لمحاصرتهم وتعنيفهم.
في الجهة الأخرى سيارات جديدة تغزو البيضاء بعضها يوفر تقنية التفاوض حول السعر.
رغم الصراع الكبير، الذي عاشته البيضاء قبل سنوات، بين نقابات سيارات الأجرة، وشركات النقل الأجنبية، إلا أن قطاع النقل بالبيضاء، ما يزال مغريا بالنسبة إلى عدد من الشركات، وهو ما دفع البعض إلى العمل دون تراخيص، ما أجج حربا مفتوحة لايمكن التكهن بنتيجة نهايتها.
في شوارع المدن المغربية، لم يعد مشهد الشجارات يقتصر على الأسواق الشعبية أو مباريات كرة القدم، بل انتقل إلى قطاع النقل، حيث يخوض سائقو سيارات الأجرة معركة شرسة ضد سائقي تطبيقات النقل، حتى أصبح مشهد المناوشات والاحتجاجات أمرا مألوفا للمواطن المغربي.
فمن جهة، هناك "الطاكسيات" التي ظلت تحتكر النقل الحضري لعقود، ومن جهة أخرى، يقف سائقو التطبيقات مثل حاملين شعار التكنولوجيا والتطور، ولكن أيضا التهديد المباشر لمصدر رزق آلاف السائقين التقليديين، فهل نحن أمام ثورة حتمية في قطاع النقل، أم مجرد فوضى لن تنتهي ؟
حرب التطبيقات وسيارات الأجرة في أرقام
تقارير اطلعت عليها جريدة "ولو" الإلكترونية تشير إلى أن تطبيقات النقل مثل "أوبر" و"كريم" شهدت نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع عدد المستخدمين إلى الملايين في عدة مدن كبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، و مراكش.
ويقدر عدد السائقين الذين يعملون عبر تطبيقات النقل في المغرب بحوالى 30,000 إلى 60,000 سائق، حسب التقديرات من الشركات المختلفة.
وشهد سوق تطبيقات النقل نمواً سنوياً بنسبة تتراوح بين 15% و 25% خلال السنوات الماضية، مما يعكس زيادة الطلب على خدمات النقل.
بالجهة الأخرى يُقدر عدد الطاكسيات في المغرب بحوالي 80,000 طاكسي (بما في ذلك الطاكسيات الكبيرة والصغيرة)، مع وجود كثافة أكبر في المدن الكبرى.
"مول الطاكسي" والتكنولوجيا: قصة حب مستحيلة
لطالما شكلت سيارات الأجرة جزءا أساسيا من حياة المغاربة، لكنها أيضا كانت وما تزال موضوع انتقادات عديدة: ارتفاع الأسعار غير المبرر، رفض نقل الزبائن، غياب العدادات، وسوء الخدمات في بعض الأحيان. ومع ظهور تطبيقات النقل، وجد المواطن نفسه أمام خيار جديد: سيارات حديثة، نظيفة، مكيفة، خدمة أكثر مهنية، وأسعار شفافة تحسب قبل ركوب السيارة، وتصل إليه دون مفاوضات شاقة أشبه بمفاوضات السلام. لكن هذا التطور لم يكن خبرا سعيدا لسائقي "الطاكسيات"، الذين رأوا في الأمر تهديدا مباشرا لمصدر رزقهم، بل وحتى لإرثهم المهني الذي توارثوه جيلا بعد جيل.
التطبيقات: الحل السحري أم المنافسة غير العادلة؟
رغم تزايد شعبية التطبيقات، إلا أن وضعها القانوني في المغرب لا يزال غير واضح، فبينما تعمل هذه التطبيقات وفق تراخيص في بعض الدول، يظل نشاطها في المغرب خارج إطار قانوني صريح، مما يمنح سائقي سيارات الأجرة التقليديين حجة قوية ضدها.
من جهتهم، يطالب سائقو التطبيقات بتحديث القوانين لتسمح لهم بالعمل بشكل قانوني، معتبرين أنهم يوفرون خدمة محترمة بأسعار واضحة، وحلا للنقل في بلد يعاني من مشاكل مرورية متزايدة.
من ينظم الفوضى؟
مع غياب تدخل حاسم من السلطات، تصاعدت الاشتباكات بين الطرفين، ووصلت في بعض الحالات إلى الاعتداءات الجسدية وتكسير سيارات سائقي التطبيقات، في مدينة القنيطرة، شهدت بعض الأحياء مواجهات عنيفة بين سائقي "الطاكسيات" وسائقي التطبيقات، بينما في الرباط، انتشرت احتجاجات تطالب بإيقاف نشاط التطبيقات أو تنظيمه بشكل يضمن حقوق الجميع، هذه التوترات لم تعد مجرد خلاف اقتصادي، بل أصبحت أزمة اجتماعية تهدد السلم العام، خاصة في ظل تصاعد الاحتقان، بينما يدفع المواطن الثمن: زيادة في أسعار التنقل، نقص في وسائل النقل، وإحساس عام بأن لا أحد يضع مصلحته في الحسبان.
وفي غياب حل قريب، قد لا يكون أمامه سوى خيار ثالث: شراء حذاء رياضي جيد، والاستثمار في رياضة المشي، فذلك على الأقل يضمن له عدم الدخول في مفاوضات معقدة أو انتظار "إنصاف" قد لا يأتي أبدا!
نهاية المعركة؟
حتى الآن، لا يبدو أن هناك حلا قريبا لهذه الأزمة، خصوصا أن كل طرف يرى نفسه مظلوما، سائقو "الطاكسيات" يشعرون أن التكنولوجيا سرقت أرزاقهم، وسائقو التطبيقات يرون أن عملهم مهدد بالتوقف في أي لحظة، بينما المواطن المغربي لا يريد سوى وسيلة نقل تحترم جيبه وأعصابه.
يبقى السؤال مطروحا: متى ستدرك الجهات المعنية أن النقل العمومي ليس مجرد صراع بين "شيفور الطاكسي" و"شيفور التطبيقات"، بل خدمة حيوية تحتاج إلى إصلاح حقيقي بعيدا عن الجنوح لتطبيق "شرع اليد".
إقــــرأ المزيد
آخر الأخبار
- 17:01 مصدرو التمور الجزائرية يشتكون المنع من دخول السوق المغربية
- 16:56 رسميا بيراوين رئيسا جديدا للرجاء الرياضي
- 16:39 التحديات السيبرانية.. المغرب ملتزم بتعزيز التعاون الأفريقي
- 16:21 غالبية الفرنسيين يُؤيّدون فرض عقوبات على الجزائر
- 16:18 بنسعيد يعلن عن دعم خاص للسكن عبر “جواز الشباب”
- 16:09 تأجيل محاكمة المهدوي إلى مارس المقبل
- 16:02 توقيف مواطن فرنسي بمطار مراكش بناء على أمر من الأنتربول