X

تابعونا على فيسبوك

الداكي يراسل الوكلاء العامين للملك لتطبيق قانون العقوبات البديلة

09:55
الداكي يراسل الوكلاء العامين للملك لتطبيق قانون العقوبات البديلة

أصدر الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، في 11 دجنبر 2024 توجيها رسميا إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، بشأن تطبيق القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الذي تم نشره في الجريدة الرسمية في عام 2022.

إذ يشكل هذا القانون خطوة هامة في إطار الإصلاحات التي تشهدها المنظومة القضائية المغربية، ويستهدف بشكل أساسي تقليل العبء على السجون، وتقديم بدائل للعقوبات السالبة للحرية التي كانت تقتصر في الغالب على الحبس، ويستهدف تعزيز فلسفة العدالة التصالحية وإعادة التأهيل.

كما يهدف هذا القانون إلى تمكين المحاكم من استبدال العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تتلاءم مع متطلبات العصر، مثل العمل الاجتماعي، المراقبة الإلكترونية، والإقامة الجبرية، حيث يتمثل الهدف الرئيسي لهذا التشريع في إعادة النظر في العقوبات الجنائية من خلال منح القضاة المرونة لاختيار العقوبات الأكثر مناسبة للجرائم البسيطة والمتوسطة، وبالتالي تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية.

كما يضع القانون رقم 43.22 عددًا من الضوابط والشروط الدقيقة التي يجب أن تستوفيها الحالات المؤهلة للعقوبات البديلة. ومن بين هذه الشروط، ضرورة أن تكون الجريمة المرتكبة لا تتسم بالخطورة البالغة أو تهدد الأمن العام بشكل جوهري، ويجب أن يتوافر في الجاني الاستعداد الحقيقي للانخراط في برامج إعادة التأهيل والتصحيح. علاوة على ذلك، يتطلب القانون أن تكون العقوبات البديلة مناسبة للظروف الشخصية للجاني، مثل حالته الاجتماعية والصحية، بالإضافة إلى استعداد المجتمع المحلي لاستقبال الجاني في إطار البرامج البديلة.

وفي مراسلته التوجيهية، أكد الوكيل العام للملك على ضرورة أن تتسم عمليات تطبيق هذا القانون بالدقة والمهنية من قبل النيابات العامة. ووجه إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك بضرورة التأكد من أن العقوبات البديلة لا تساهم فقط في التخفيف من الاكتظاظ في السجون، بل أيضًا تسهم في إعادة تأهيل الجاني ودمجه مرة أخرى في المجتمع، موضحا أن الهدف من هذه العقوبات ليس الانتقام أو إضعاف هيبة القانون، بل إصلاح السلوكيات ومساعدة الجاني على التوبة والاندماج الفعلي في الحياة الاجتماعية.

وأبزر الداكي في توجيهاته ضرورة أن تركز النيابات العامة على أهمية المتابعة الدقيقة والمستمرة للأشخاص الذين يخضعون لهذه العقوبات، بما في ذلك تقييم أدائهم في تنفيذ الأنشطة المجتمعية أو الامتثال لبرامج المراقبة الإلكترونية أو غيرها من التدابير. كما شدد على أهمية حماية حقوق الأفراد الذين يخضعون لهذه العقوبات، وضمان عدم تعرضهم لأي شكل من أشكال الاستغلال أو المعاملة السيئة.

فيما تمثل هذه الخطوة بداية تحول كبير في السياسة الجنائية بالمغرب، حيث بدأت السلطات المغربية في البحث عن حلول مبتكرة للتعامل مع القضايا الجنائية في إطار الحفاظ على توازن بين الحق في حماية الأمن العام وحق الجاني في الحصول على فرصة لإعادة التأهيل، كما تعد العقوبات البديلة خطوة نحو تجاوز العقوبات التقليدية، التي كانت تقتصر على الحبس لفترات طويلة، مما ساهم في اكتظاظ السجون وعدم القدرة على تقديم برامج إعادة تأهيل كافية للسجناء.

ومن جهة أخرى، يعكس هذا التشريع رغبة المغرب في تطبيق ممارسات قضائية تواكب التطورات العالمية في مجال العدالة الجنائية، والتي تهدف إلى تقليص استخدام السجون كأداة عقابية، وتحفيز البدائل التي تساهم في إعادة الجناة إلى الحياة الطبيعية وتعزيز فرصهم في تجنب العودة إلى السلوكيات الجرمية.

فيما يعتمد نجاح تطبيق هذا القانون بشكل كبير على التنسيق بين مختلف الأجهزة القضائية، بالإضافة إلى تفعيل برامج إعادة التأهيل التي تشمل الدعم النفسي، الاجتماعي، والمادي للجناة، فيما يأمل المسؤولون في أن يسهم القانون في إعادة بناء الثقة بين المجتمع والجهاز القضائي، ويُنظر إلى هذه العقوبات البديلة كفرصة حقيقية لتقديم حلول أكثر فعالية ومتوازنة لأفراد المجتمع دون المساس بالأمن العام أو حقوق الضحايا.


إقــــرأ المزيد