ليالي مراكش الحمراء.. الاتجار بالبشر خلف أضواء الكريستال
أيوب الكمدي
عقارب الساعة تقترب من الواحدة ليلا، والهدوء الذي يلف شارع محمد السادس في مراكش لا يخفي التوتر الذي يشعر به سكان مجمع "سفير"، أضواء سيارات الدرك الملكي تومض من بعيد كأنها تنذر بحدث كبير على وشك الوقوع.
داخل إحدى الفيلات الفاخرة، حيث تتداخل أضواء الكريستال مع أصوات الموسيقى الخافتة، تُخفي الجدران الفاخرة أسرارا مظلمة، هذه الليلة لن تكون كسابقاتها من ليالي مراكش الحمراء.
مراكش، المدينة الساحرة التي تغري الزوار من كل حدب وصوب بجمالها الأخّاذ ومعالمها التاريخية العريقة، تجد نفسها اليوم في مواجهة مع وجه آخر قاتم يختبئ خلف واجهتها البرّاقة، فبين أزقة المدينة العتيقة وفيلاتها الفاخرة، تطفو على السطح جرائم خطيرة تهدد أمنها وسلامتها، حيث تختلط السياحة بالاتجار بالبشر في مشهد مأساوي يعكس تعقيدات العالم السفلي للجريمة المنظمة.
في هذه الليلة، نجحت عناصر المركز القضائي للدرك الملكي بباب دكالة في كشف النقاب عن شبكة إجرامية معقدة، العملية الأمنية الدقيقة التي تمت في الساعات الأولى من يوم السبت، أسفرت عن مداهمة فيلا فاخرة داخل مجمع "سفير". الفيلا، التي كانت تستخدم كمركز لأنشطة إجرامية متعددة، شهدت توقيف 15 شخصا، بينهم سبعة أفراد من جنسيات خليجية وثماني نساء مغربيات.
ووفقا لمصادر موثوقة قريبة من التحقيق، كانت الفيلا المستهدفة تستخدم كمركز لتسهيل أنشطة إجرامية متعددة، تشمل الدعارة وترويج المخدرات والمشروبات الكحولية غير المرخصة، وقد تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات، بالإضافة إلى أدوات تشير إلى وجود عمليات استغلال منظمة، مما دفع السلطات إلى تصنيف هذه الشبكة كجزء من منظومة خطيرة للاتجار بالبشر.
وقد تم تقديم الموقوفين أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش بعد قضائهم 72 ساعة في الحجز الاحتياطي، مع تمديد فترة الحراسة النظرية ل 24 ساعة إضافية بناء على تعليمات النيابة العامة، وجاءت هذه الإجراءات في إطار تعميق التحقيقات لفهم طبيعة هذه الشبكة الإجرامية التي أفادت أنها لم تكن تعمل بشكل عشوائي، بل كانت تمتلك هيكلا تنظيميا دقيقا.
وقد جاءت هذه العملية الأمنية بعد شكاية رسمية من سكان مجمع "سفير"، الذين عبروا عن قلقهم العميق إزاء الممارسات المشبوهة التي شهدوها داخل المبنى، والتي أثرت على حياتهم اليومية وأمنهم الشخصي، بما في ذلك أنشطة الدعارة وترويج المخدرات، وطالبت باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه التجاوزات.
وبحسب الوثائق المرفقة بالشكاية، فإن سكان المجمع قدموا تقارير مفصلة عن حالات الصخب والاختلاط غير الأخلاقي داخل الفيلات، كما أشاروا إلى تقاعس إدارة المجمع عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الأنشطة، مما سمح بتفاقم الوضع.
وتُظهر هذه القضية مدى تعقيد الشبكات الإجرامية التي تعمل في الخفاء، إذ يتم استغلال العقارات الفاخرة والمنشآت السكنية لأغراض غير قانونية، فالشبكة التي تم تفكيكها لم تكن مجرد مجموعة من الأفراد يمارسون الجرائم بشكل عشوائي، بل كانت منظومة متكاملة تعتمد على التخطيط الدقيق والتنظيم، مما يجعلها تشكل تهديدا حقيقيا للأمن العام والأخلاق الاجتماعية.
وقد أشرفت عناصر الدرك الملكي على العملية بالكامل، مع تعاون وثيق مع النيابة العامة والمحكمة الابتدائية بمراكش، وتأتي هذه العملية في إطار الجهود المستمرة لمكافحة الجريمة المنظمة، وخاصة جرائم الاتجار بالبشر التي تعتبر من أخطر التحديات الأمنية في الوقت الراهن.
تعد هذه العملية خطوة مهمة في مواجهة الجريمة المنظمة، وضربة قوية للشبكات الإجرامية التي تعمل في الخفاء، وتؤكد على أهمية التعاون بين المواطنين والسلطات الأمنية في الكشف عن مثل هذه الممارسات وضمان تطبيق القانون، إذ تظل الليالي الحمراء تخفي أسرارا لا تروى إلا عندما تتدخل يد العدالة لفضحها.
إقــــرأ المزيد
آخر الأخبار
- 21:00 عادل تاعرابت ينتقل رسميا إلى نادي الشارقة الإماراتي
- 20:40 الدرك الملكي بالجديدة يداهم مخزنًا سريًا للمحروقات المسروقة
- 20:17 بنك المغرب: تحسن سعر صرف الدرهم أمام الدولار وتراجعه أمام الأورو
- 20:00 إطلاق أول مدرسة لكرة السلة (NBA) في المغرب
- 19:30 الدفاع الجديدي يعين البرتغالي روي ألميدا مدربًا جديدًا للفريق
- 19:27 يانيك سينر يحتفظ بلقب أستراليا المفتوحة بعد فوزه على زفيريف في النهائي
- 19:11 الكيني ألفونس كيغين كيبووت يتوج بلقب ماراثون مراكش الدولي 2025